تقدير مواقف
تقدير موقف: ارتفاع أسعار الذهب في العقود الفورية والآجلة (أسبابه ونتائجه).
ارتفعت عقود الذهب الفورية بحلول الساعة 05:50 بتوقيت غرينيتش بنسبة 0.4% إلى 1424.25 دولار للأونصة، وفي وقت سابق من التداولات لامس المعدن الأصفر 1438.63 دولار، وهو أعلى مستوى منذ 14 مايو 2013 فيما قفزت عقود الذهب الآجلة بنسبة 0.7% إلى 1427.50 دولار للأونصة، وفي هذا السياق يقدّر مركز الدراسات والأبحاث الأنتروستراتيجية الأسباب المتعلقة بارتفاع كل من العقود الفورية والعقود الآجلة للذهب كل على حدى، حيث يمثل السبب الأول والرئيسي لارتفاع العقود بمحاولة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الضغط نحو تخفيض قوة الدولار عن طريق خفض أسعار الفائدة إلى مادون 2.25-2.50% والتي يحددها البنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (وهو بنك خاص ويمثل البنك المركزي الأمريكي) وضخ كميات أكبر من الدولارات إلى الأسواق عن طريق زيادة الطلب على القروض الناتج عن انخفاض أسعار الفائدة، كمحاولة من الإدارة الأمريكية لخلق ظروف تنافسية أفضل للسلع الأمريكية التي تعتمد في كلف إنتاجها على الدولار أمام السلع الأخرى، على عكس المعهود في الإدارات الأمريكية السابقة التي كانت تعتبر أن قوة الدولار من قوة الاقتصاد الأمريكي.
أما السبب الثاني فيكمن أيضاً في سياسة البنك المركزي الأوروبي بخفض قوة اليورو إلى مايقارب 1.12 دولار لذات الأسباب التنافسية، بالإضافة إلى اعتماد عدة دول أوروبية بزيادة احتياطياتها من الذهب كألمانيا.
فيما يكمن السبب الثالث في سعي روسيا للتحرر من الدولار لصالح الذهب وتقليص استثماراتها في السندات الحكومية الأمريكية على مختلف آجالها، وذلك في سياق مواجهة العقوبات الأمريكية بفعالية أكثر وحماية عملتها في التبادلات التجارية الدولية التي تعتمد على الشراء بالعملات المحلية.
هذه الأسباب الثلاثة السابقة جعلت من المستثمرين بمختلف أحجامهم، أكثر إقبالاً على شراء عقود الذهب والذي بدوره أدى إلى زيادة الطلب وزيادة أسعار العقود، حيث أصبح الذهب بذلك الملاذ الآمن للمستثمرين.
وفيما يتعلق بفارق الارتفاع بين العقود الفورية والعقود الآجلة والذي يبلغ 0.03% لصالح العقود الآجلة، فيكمن ذلك بتخوف المستثمرين من سوق النفط وتقلبات الأسعار في ظل احتدام الأوضاع الأمنية في مضيق هرمز، ففي حين تؤثر الاضطرابات الأمنية في الشرق الأوسط على الأسعار بدفعها نحو الزيادة، إلا أن الطلب على الطاقة مهدد بالانخفاض، ما يؤثر على أسعار النفط بطريقة غير آمنة بالنسبة للعقود الآجلة.
نتائج الارتفاع العالمي في أسعار الذهب:
من الممكن أن يؤثر ارتفاع سعر الذهب عالمياً على قيمة الاحتياطيات في الدول التي تعتمد الذهب جزءاً من احتياطياتها، وروسيا التي انتهجت شراء الذهب والاحتفاظ به كأصول لدعم عملتها وتخليها التدريجي عن الدولار، والذي بدوره سيدفع البنك المركزي الروسي إلى تقييم خطواته بالخطوات الناجحة والدفع نحو الاستمرار بها.
وذات الشيء بالنسبة للصين مع فارق قيمة اليوان الصيني التي من الممكن مواجهة الزيادة فيها من خلال زيادة الكتلة النقدية على المدى الطويل، والتي ستمكن الصين من زيادة تمويل مشاريعها ومواجهة المنافسة التجارية بطريقة أكثر فعالية.
أما مستقبل سعر الذهب فيتعلق بالدرجة الأولى بتقدير السوق النفطي لمنحنى الطلب ولاستمرار المخاطر والتهديد في مضيق هرمز، بالإضافة إلى قرارات البنك المركزي الصيني والروسي في الاستمرار بزيادة الاحتياطيات الذهبية في ظل الأسعار الجديدة أم لا، ومن المتوقع أن يترك مثل هذا الخيار إلى مابعد الاجتماع القادم للدول العشرين في قمة أوساكا اليابانية، والتي ستحدد مسار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، ومستقبل الوضع الأمني لمضيق هرمز في المحادثات التي ينوي الرئيس الأمريكي إطلاقها على هامش القمة.