أقسام المركز
الأنْتِليجِنْسيا
قسم الأنْتِليجِنْسيا
ألتعريف بالقسم
ألأنْتِليجِنْسيا كلمة لاتينية المصدر والاشتقاق. تعني من الناحية المفاهيمية القدرة على استيعاب المعرفة، وفهمها العميق، والتنظير لأفكار جديدة. ومن الناحية الإصطلاحية هي القدرة على إنتاج الثقافة، وتحليل المعرفة بوعي، والمساهمة في تطويرها لخدمة قضايا حياتية. كما تشير الأنْتِليجِنْسيا إلى النخبة المثقفة، وأهل الفكر، وأصحاب الرأي، والطبقة المبدعة المنتجة علمياً، وكذلك المنظومة المعنية بالدراسة والبحث والتخطيط والتطوير. فثورة الأنْتِليجِنْسيا الغربية أدّت إلى إنتاج حضارة متقدّمة في أوروبا، وأسّست لفكر تنويري تجاوزي يطال مختلف الميادين الوجودية للإنسان. كما كان لها تأثيرات عظيمة على كل المجتمعات العالمية بما فيها الوطن العربي، وإنْ لم يتمّ استخدامها فيه بالشكل المنهجي المتكامل نتيجة الأزمات السياسية والاجتماعية التي تعصف به منذ قرون.
وبما إنّ الأنْتِليجِنْسيا وقعتْ في أزمة طبقية، حيث شكّلت نوعاً من البرجوازية الذهنية ذات الترف الفكري، فقد أدّى ذلك إلى خلق هوّة كبيرة بين روّادها وبين الجماهير التي تشكّل الأغلبية التكوينية لكلّ مجتمع. من هنا تغدو الأنْتِليجِنْسيا من منظار مركز الدراسات والبحوث الأنتروستراتيجية حالة عامة ينبغي تعميمها على الإنسانية جمعاء، لتصبح صفة جامعة لكل البشر، دون الوقوع في أزمة التمايز والاختلاف والفوقية الفكرية والطبقية العلمية. فما يعنيه لنا مفهوم الأنْتِليجِنْسيا هو تحوّلها إلى منظومة بنيوية متاحة لجميع الناس على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وهويّاتهم وأعراقهم وعقائدهم وتوجّهاتهم ولغاتهم، وذلك عبر السعي إلى تعميم المعرفة وتيسيير وصولها إلى مختلف الشرائح الاجتماعية، بدايةً من المجال الحيوي الذي يتحرّك فيه مركزنا: أي الوطن العربي، مروراً بمنطقة الشرق الأوسط، وبطموح مستقبلي غايتُهُ الوصول إلى كل أصقاع العالم.
الأنْتِليجِنْسيا لا تنحصر في مجالات معيّنة دون غيرها، فهي تطال كل الميادين الوجودية للإنسان: المعارف كافةً سواء كانت علوماً إنسانية كالفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس، أو جغرافيّة أو بيولوجيّة أو رياضيّة أو فيزيائيّة أو كيميائيّة، وكذلك السياسة، وأنظمة الحكم، والقانون، والآداب، والفنون، والحضارات، والأديان، والصحافة، والإعلام، وغيرها … إذن، هي نظام معرفي كامل وشامل يهدف إلى تحقيق تغييراً جذرياً وتطويراً كلّيّاً في المجتمعات الإنسانية.
الأهداف:
يتقوّم قسم الأنْتِليجِنْسيا على مجموعة من الأهداف الكبرى التي تتصل مباشرةً بالواقع الإنساني، وتسعى إلى تحقيق التغيير والتطوير في بنية ومسار وجود الإنسان وتفكيره وعلومه وأنماط حياته. ومن أهمّ هذه الغايات ما يلي:
– إعداد وتحضير أكبر مجموعة ممكنة من الأدمغة والعقول في مختلف الحقول العلمية، وذلك عبر إجراء دورات علمية وتثقيفية وحلقات بحثية وحوارية لمختلف الفئات العمرية الراشدة من الناس، وفق مبدأ “التنوير”.
– تكثيف الجهود في مجالات البحث العلمي الجاد على كل الصُعُد والمستويات التخصّصية، وكذلك ميادين الثقافة العامة.
– العمل على إيجاد منظومة قيمية وأخلاقية تهدف إلى تحقيق التقارب بين الأديان والحضارات والأعراق، وذلك عبر تخريج مجموعات طلابية من مستويات مختلفة في ميدان الحوار الحضاري.
– التوصّل إلى تحقيق بناء معرفي شامل ومتكامل في مختلف الميادين العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
– التأسيس لعملية تشبيك معرفي بين المؤسسات التربوية والعلمية والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والدراسات، بغية الوصول إلى رؤى موحّدة ومسارات مشتركة بين أكبر عدد ممكن من الفئات الثقافية.
– ردم الهوّة وتقليص المسافة بين الفئات الشعبية والطبقة النخبوية، ضمن حركة علائقية تبادلية تشكّل مسار الحراك الحضاري للمجتمع.
– تعزيز العلاقات مع مؤسسات المجتمع المدني: جمعيات ونقابات وأندية ثقافية ورابطات اجتماعية، وكذلك مؤسسات الدولة والسلطة، لإيجاد منظومة رديفة تكون بمثابة مصدر استشاري يساهم في صناعة الصيغ والقرارات الوطنية داخل المجتمع.
– العمل الدائم على متابعة كل المتغيّرات المحلية والدولية والمستجدّات العالمية، وذلك لمواكبة كل ما يطرأ على جغرافيات العالم باعتبارها مترابطة بشكل حيوي متداخل، مؤثر ومتأثر ببعضه البعض، وبالتالي استيعابها والتعامل معها.
– خلق أنْتِليجِنْسيا وطنية، وبالتالي إقليمية ودولية، لتأسيس أرضية الوحدة الإنسانية.