تقدير مواقف
تقدير موقف: عملية حزب الله الحدودية ضد الاحتلال الإسرائيلي بين الردّ والردع!
استهدف حزب الله اللبناني في 01/09/2019 آلية عسكرية إسرائيلية محملة بالجنود على الشريط الحدودي الفاصل، كردّ على استهداف إسرائيل عنصرين من عناصر حزب الله العاملين في سورية، واعتبر حزب الله اللبناني العملية العسكرية التي نفذها بمثابة بوابة جديدة لردع الحكومة الإسرائيلية التي غيرت من استراتيجيتها العسكرية المعادية والموجهة ضد إيران ودول الجوار والشعب الفلسطيني، (وقد وضح المركز في التقدير السابق طبيعة هذه الاستراتيجية قبل انطلاق سلسلة الأحداث الأخيرة)، في حين تضاربت الروايات الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية التي تلت العملية، في محاولة واضحة لإخفاء الأضرار الناجمة عنها، وفي هذا الإطار يرى مركز الدراسات والأبحاث الأنتروستراتيجية أنّ ردّ حزب الله اللبناني على إسرائيل سيحقق ردعاً مؤقتاً من الناحية الزمنية وجزئياً من الناحية الجغرافية، وسرعان ما ستعاود إسرائيل عملياتها بطرق أشد سرية وأوسع انتشاراً.
حيث لعب العامل السياسي الداخلي دوراً أساسياً في دفع نتنياهو إلى التصعيد العسكري والإعلامي في سبيل التوظيف الايجابي لحملة الليكود الانتخابية، أي أن الانتخابات القادمة والطموح السياسي لنتنياهو كانت المتغير الرئيس الذي أطلق سلسلة الأحداث الأخيرة واستوجب الرد من قبل حزب الله اللبناني، في مقامرة خسرها نتنياهو بقسوة واضحة، في حين أن العمليات الإسرائيلية ضد العراق وسورية، سارت بشكل مغاير تماماً، نظراً لانعدام التوظيف السياسي لها.
وقد شكلت عملية حزب الله صدمة حقيقية وهلعاً كبيراً في الأوساط السياسية الإسرائيلية، إلى درجة تلفيق الحكومة الإسرائيلية لرواية خاصة حول العملية لا مكان لإصابات بشرية فيها لتفادي شن أي هجوم مضاد على لبنان، إلا أن الردع الذي امتنعت بموجبه الحكومة الإسرائيلية عن شن هجوم مضاد، لم يكن ناتجاً عن العملية الأخيرة، وإنما عن الخسائر الفادحة التي لحقت بها في حرب 2006، والخوف من تكرار السيناريو في ظل غياب أي حلول مضادة فعالة لتكتيكات حزب الله العسكرية إلى يومنا الحالي، بل على العكس ستحاول الحكومة الإسرائيلية جاهدة أن تزيد من موانع الحرب الشاملة و تقليص احتمالية وقوعها، على مختلف المستويات، وحتى على المستوى الدبلوماسي بين الدول الصديقة والدول الحليفة لها، بالتالي فإن ردع الحرب التقليدي بين الطرفين لايزال قائماً وغير متأثر بالتطورات الأخيرة.
وبالنظر إلى الأهداف الإسرائيلية من استراتيجيتها العسكرية الجديدة، فإن الحرب ليست غاية، بل الاستنزاف هو الغاية، والاستنزاف التي تسعى له إسرائيل ليس لبنانياً على وجه الحصر، بل إيرانياً بالدرجة الأولى بالشراكة مع الحصار الاقتصادي الأمريكي، وفي هذه الحالة تتحول حسابات الربح والخسارة التقليدية، إلى حسابات جديدة تتعلق بقدرة الطرفين على تحمل عمليات محدودة ضد بعضهما البعض، وتحمل الخسائر الناتجة عنها، دون افتعال حرب لا يطيقها الطرفين، أي أن مقابل العربة العسكرية التي استهدفها حزب الله، كان هناك الكثير من المستودعات ومخازن السلاح قد دمرت بالكامل في العراق وسورية، وضمن هذا الفرق الهائل في الخسائر والتي تتعامل معها الحكومة الإسرائيلية ككتلة إيرانية واحدة، ستكون الكفة في صالح استمرار العمليات الإسرائيلية، مقابل وضع يهود الفلاشا التي تمارس الحكومة الإسرائيلية عليهم أشد أنواع التمييز العنصري في الواجهة، كما العملية الأخيرة، لتقليل الخسائر.
بالنتيجة رد حزب الله الأخير سيحرم إسرائيل وسيردعها من استخدام أي عملية خارج الحدود في إطار معنوي أو الإعلان عن مسؤوليتها، كما سيردعها أيضاً من الاستهداف المباشر للعناصر البشرية لحزب الله، لكنه لن يردع الحكومة الإسرائيلية من الاستمرار في الاستنزاف، وعمليات الاغتيال السرية الخالية من البصمات إلا في حالة قيام المقاومة بتوحيد جبهات الرد من إيران إلى لبنان، وتبني الرد السريع والمباشر فور وقوع أي عملية من هذا النوع، ضد أي مكون من مكونات المحور وليس فقط حزب الله.
(للاطلاع على تقدير الموقف حول الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الجديدة اضغط هنا).
(للاطلاع على ملف يهود الفلاشا في إسرائيل عبر مقالة خاصة اضغط هنا).