تقدير مواقف
تقدير موقف: تصريحات رئيس أركان جيش العدو ضد “حزب الله” ولبنان
تقدير موقف تصريحات رئيس أركان جيش العدو ضد “حزب الله” ولبنان
سلسلة من التصريحات الصهيونية المعادية أطلقها رئيس الأركان العدو الإسرائيلي؛ غادي أيزنكوت، لعدد من الصحف الإسرائيلية في مقابلات مطوّلة حول التحديات التي تواجهها إسرائيل، وأبرز ايزنكوت جملةً من القضايا تخدم أهدافاً مسبقّة يريد إيصالها لأكثر من اتجاه:
أولا: التهديد بالحرب والاستعداد لها.
قال أيزنكوت:
- فرص اندلاع حرب هذه الأيام أكبر من السنوات الثلاث السابقة.
- هناك ضربة فتاكة لـ«حزب الله» في كل لبنان، وفي بيروت على وجه الخصوص من خط الزهراني إلى الجنوب منه هناك 240 مدينة وبلدة وقرية شيعية فيها مواقع لـ«حزب الله».
- توجد عوامل سلبية عديدة تدفع تجاه حرب. الأمور تتعلق بنا أيضا.
- عشرات الكتائب ستحارب في الحرب القادمة ضد حزب الله في نفس الوقت، التنسيق مع سلاح الجو والاستخبارات العسكرية وسلاح البحر.
- قدرتنا العسكرية والنارية تضاعفت 7 مرات منذ الحرب الأخيرة.
ثانيا: مجال الحرب.
هدد أيزنكوت أنّ:
- كل لبنان هو مجال الحرب القادمة مع احتمال انتقالها إلى الجبهة السورية.
- هدد بضرب أهداف «حزب الله»، وأنه لن يمنح الحصانة “للمحيط المدني».
- طالب من لبنان تحمل المسؤولية كدولة عما يجري في أراضيها.
ثالثا: استخدام مكثف للتصوير الرمزي كأداة عنف.
أشار أيزنكوت.
- سندمّر بنايات عالية عديدة في لبنان يجلس فيها عناصر حزب الله.
- صورة الدمار التي ستخلفها الحرب ستكون منقطعة النظير”.
- سندمّر عشرات الأبراج في بيروت يقيم فيها عناصر «حزب الله».
- ستكون صورة الدمار التي لن ينساها أحد في المنطقة. إذا كانت هناك حرب أخرى في لبنان.
السياق الاستراتيجي للتصريحات.
تأتي هذه التصريحات في إطار سياق استراتيجي وظرفي متبدل يتجسد في أربعة متغيرات أساسية:
المتغير الأول: انقلاب جذري في خرائط السيطرة الميدانية في سورية لصالح محور المقاومة، بما يزيد من الخوف الأميركي الإسرائيلي من انتقال الجيش السوري وحلفائه نحو الجنوب الغربي من سورية.
المتغير الثاني: هو إنشاء قاعدة أميركية دائمة في إسرائيل ونقل قوات عسكرية دائمة اليها.
المتغير الثالث: إطلاق مشروع “ايست ميد” الصهيو أميركي لنقل الغاز الصهيوني إلى أوروبا للضغط على روسيا في أكبر عملية التفاف جيبولتيكي على أسباب الحرب على سورية، مع التركيز على أن لبنان تنظره مناوشات جيبولتيكية تهدد استقراره بسبب اكتشافاته من الطاقة وموقعه الجيبولتيكي الناشئ من تغير خرائط أنابيب لطاقة لتقليدية..
المتغير الرابع: هو إدراك واعتقاد إسرائيلي جديد لأساليب عمل وتكتيكات قتال حزب الله في سورية بما يسمح إسرائيليا ببناء خطط عسكرية تتلائم مع هذه الأنماط.
انطلاقا من ذلك تُعد هذه التصريحات:
- رد فعل إسرائيلي استباقي على أي محاولة من حزب الله لتغيير قواعد الهجوم إذا ما تطورت الأحداث في سورية أو لبنان الذي بات محط نظر الاستراتيجيات الجيبولتيكية الدولية، في لحظة ما بعد الوصول إلى حدود الجولان السوري المحتمل على كامل الشريط العازل، لذلك توضع جملة التهديدات السابقة في إطار منع اندلاع الحرب بوصفها انزلاقا نحو الهاوية في التقدير “الإسرائيلي”.
- التهديد المكثف بالحرب الشاملة واستخدام الصور الرمزية العنفية هدفه خلق ضغط شعبي مزدوج على حزب الله الأول من ناحية جمهور المقاومة الداخلية والثاني هو البيئة الشعبية الخصم لحزب الله التي طالتها التهديدات بالحرب والتدمير، وبالتالي الهدف منذ لك هو تمييع البيئة الحاضنة للمقاومة داخلية، والثانية لتشكيل ضغط على البيئة الحاضنة لمزيد من التمييع في الخيارات.
- خلق ضوابط لحركية حزب الله في اتخاذ قرار الحرب، فهذه التصريحات سترفع حدة الاستقطاب المعادي للحزب في لبنان عبر تحميله مسؤولية الدمار على لبنان وهو ما سيحمل الحزب كل أخطاء الماضي والتدمير الممنهج للاقتصاد اللبناني والفساد الحاصل لاحقا، وهو فرصة لقادة ” لأحزاب اللبنانية” للضغط على المقاومة وخصوصا قبيل الانتخابات وتشكيل الحكومة فيما بعد، هذه الضوابط ستقيد خيارات الحزب في استهداف منصات الغاز المعادية في شرق المتوسط.
بالنتيجة: شكلت هذه التصريحات بخلاف معظم التصريحات السابقة لقادة الكيان المعادي، نقلة نوعية في الخطاب باتجاه وضع كل لبنان ضمن دائرة النار والاستهداف والتدمير، ولا يمكن عزل هذه التصريحات عن الأجواء الانتخابية اللبنانية من ناحيتين الأولى شدّ العصب الانتخابيّ لكلّ التيارات المتخاصمة مع حزب الله لتبني خيارات قادة أحزابها بعد ظهور تململ واضح في القاعدة الشعبية لأطراف دائما ما كانت محسوبة على واشنطن مباشرة واتجاهها إلى تبني خيارات جديدة، والناحية الثانية التأثير على خيارات جمهور المقاومة.
خطأ تكتيكي في التقدير “الإسرائيلي”
التهديد باستخدام القوة التدميرية والعدوان الممنهج على كل لبنان لن يؤثر في خيارات الحزب لا على مستوى القيادة ولا على مستوى القاعدة الجماهيرية، فخيارات الاشتباك الجديدة المعمول بها في المقاومة ردا على التهديد باستهداف كامل البنى التحتية هي “الضاحية مقابل تل أبيب/ وكل مبنى سيدمر في الضاحية سيدمر مقابلها مباني في تل أبيب”، أي قاعدة الرد بالمثل، وهو ما تدركه القيادة الصهيونية ولن تقدم عليه، فتكلفة الحرب على لبنان أكبر من قدرة الكيان الإسرائيلي على تحمله..، واذا كان الكيان قادرا على تحديد موعد الحرب فخيارات الإنهاء مرتبطة بمحور المقاومة وتجربة حزب الله في سورية أكسبته مهارات حروب الاستنزاف الطويلة وطرق التعامل معها وهو ما لم تستطع العقيدة العسكرية الصهيونية إيجاد حل له، فنظرية الحرب الخاطفة مازالت احد أعمدة العقيدة العسكرية الإسرائيلية…وه وامر خرج من قواعد الاشتباك مع المقاومة.
لذلك كل التصريحات الإسرائيلية توضع عادة بخانة المواجهة النفسية ويضاف اليها في هذه التصريحات أمران: الأول الظرف الانتخابي اللبناني الحساس، والأمر الثاني تصدير الأزمات الداخلية الصهيونية إلى الخارج، فكيان العدو على موعد قريب مع انتخابات مبكرة.
ومن المتوقع ارتفاع حدّة التصريحات الكلامية الصهيونية في المدى القريب نظراً لحجم المآزق التي يعاني منها الكيان داخلياً تزامناً مع سلسلة من الاستحقاقات التي ستلقى رسائل ردعية واضحة من محور المقاومة…يتحسب لها العدو.
د سومر صالح/صلاح النشواتي.