web analytics
مقالات

سعد الحريري مقررًا في الحرب العالمية الكبرى!!!

د.طارق عبود
تأتي استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري اليوم في زحمة الأحداث الكبرى التي تعيشها المنطقة.فهل أنّ هذه الاستقالة ستشكّل علامة فارقة لن يكون ما قبلها كما بعدها؟
اولًا -في الشكل
إنّ الإعلان عن الاستقالة بهذه إنّ الكيفية هي عملية إهانة كبيرة لشخص الرئيس الحريري، وربما انتقامًا منه وللدولة اللبنانية، ولرئيس الجمهورية بطبيعة الحال..
كان  السعودي يستطيع ان يؤجل الاستقالة الى الغد، على أقل تقدير، ويعود الحريري الى لبنان ويدعو وسائل الإعلام، ويعلن استقالته من منزله او من القصر الحكومي ..
ولكن هناك شيء في غاية الأهمية حصل، وهو  أنّ القيادة  السعودية غير مطمئنة لوعد الحريري بالاستقالة اذا عاد إلى لبنان.
لقد ظهر من مشهدية الاستقالة، أنّ صوت الحريري ونبرته وحركات جسده توحي بالخوف  والتوتر، وبعدم اقتناعه الكليّ  بمعظم ما يقول ويقرأ. الزيارة التي يقوم بها الرئيس الحريري إلى السعودية هي زيارة خاصة، وأُعلِن عنها بهذا العنوان. اي ان الحريري لم يكن بجو هذا التصعيد الكبير، والقرار الحاسم بالاستقالة، وإلا ما كان ليستقبل الدكتور علي أكبرولايتي  في القصر الحكومي مع الوفد المرافق، ولكان اعتذر من اللقاء تحت أي عنوان. لكن الواضح أنّ قرار الاستقالة لم يكن حاضرًا في ذهن الرئيس الحريري ولا في حساباته حاليًا، أنما كان القرار متخذًا من قبل السعودية منذ صرّح الوزير ثامر السبهان بأنّ شيئًا كبيرًا سيحصل قريبًا، فانتظروه.
ثانيًا: في المضمون:
انا أميل الى الرأي الذي يقول إنّ الرئيس الحريري لم يوافق على الاستقالة في زيارته  لولي العهد محمد  بن سلمان قبل ايام، وانه في هذه المرة  أُجبِر على الاستقالة، لأن مستوى الخطاب والهجوم والمفردات المستخدمة فيه كانا عاليين، ولم نسمع من الحريري شيئًا منه منذ أكثر من سنة. وقد تفسّر هذه الجبرية من خلال التهديد أو الإغراء بوعود مالية، وبإعادة وصل ما انقطع مع القيادة السعودية الجديدة.
-في الحسابات السياسية المنطقية، تُحسَبُ ورقة استقالة الحريري هي من آخر الأوراق الموجودة بحوزة السعوديين، وهم يعتقدون بأنّ الاستقالة ستزيد الضغوط على حزب الله في هذه المرحلة..-وتأتي هذه  الاستقالة في أجواء الانتصارات الكبيرة التي يحققها محور المقاومة في وجه  أعتى قوة دولية بالتكافل والتضامن مع حلفائها، وباستخدام الأداة الأكثر فتكًا وجرأة وإقدامًا وعددًا، وهي الجماعات المسلحة التكفيرية، القوة الضاربة الأميركية السعودية..
لذا قد يكون اقل الممكن والمتاح ألا يُترَك لحزبُ الله أن يحتفل بانتصاراته،إلا من ناحية توتير الاجواء، والعودة باللد إلى ما قبل العام 2007..
– ماذا بعد الاستقالة؟ وما هي الخطوات العملية التي سترافق الاستقالة؟
السؤال الأكثر تداولًا بين اللبنانيين، هو عن إمكانية شن الإسرائيلي حربًا على المقاومة في لبنان.!!
لكن السؤال الآخر هو: هل أنّ الإسرائيلي والأميركي ينتظران استقالة سعد الحريري، وغضب السعودية لكي يشنان حربًا على المقاومة وعلى لبنان، هي بكل المعاييروالمقاي​يس مختلفة كليًا عن حرب تموز 2006.
الاعتقاد  السائد هو بأن الاسرائيلي عندما يأخذ قرارًا بالحرب،  لديه  مروحة واسعة من التبريرات والخطوات التي يبرّر فيها حربه، بعيدًا من استقالة الحريري او تحريض السعودية وزعلها.
ولأنّ الملفات في المنطقة مترابطة مع بعضها، فإنّ القاصي والداني الكل يدرك أنّ الحرب في سوريا على وشك أن تضع أوزارها، وأن الانتصار واضح وبيّن لمحور المقاومة وروسيا والصين كذلك، وفي العراق يعلن  الانتصار الهائل عن نفسه على داعش وداعميها، ومن ثم تقليم أظافر الأميركي عبر عدم السماح له بتسييل الاستفتاء الكردي استقلالًا وانفصالًا عن الدولة المركزية، ومن نتائج الإخفاق استقالة مسعود البرزاني، لذلك علينا  الإطلالة على المشهد الإقليمي والدولي لقراءته من منظور أوسع وأشمل، وألّا  يشغلنا تسارع الأحداث الصغيرة أحيانًا، عن  ثقل الوجود الروسي الكبير من الناحيتين السياسية والعسكرية  في المنطقة.
فالرئيس الروسي يرتّب طاولة الحل السورية، ومعظم مكونات الشعب السوري موجودة  على هذه  الطاولة  راضية كانت أم مكرهة، والأوروبيون والاتراك أيضًا حاضرون،  وحتى الأميركي شبه موافق على هذه الآلية المطروحة للحل، فليس هناك من عاقل يعتقد بأنّ انتصارًا وازنًا على بحجم ما جرى في سوريا منذ سبع سنوات عجاف، تستطيع السعودية أن تؤدي دور الطفل المشاغب، لتعبث بطاولة الحل، وتعمل على إفشال الأفكار الروسية عبر فتح حروب وتوترات جديدة في لبنان وغيره..
أنا اعتقد بأنّ لبنان على عظمة وجود المقاومة فيه ودورها، هو أصغر من أن يكون بؤرة تعيد الأمور في المنطقة الى نقطة الصفر . ومن المؤكد ان الإيراني لن يكون راضيًا بالعبث بأدوات اللعبة،  والروسي بطبيعة الحال، ولا حتى الصيني.
الخلاصة:
تأتي استقالة الحريري  لإظهار المزيد من الكيدية السعودية ، وهي لن تؤثّر في المشهد الإقليمي الذي تتضح معالم النصر الكبير فيه في هذه الجولة الكبيرة من الحرب، بل هي رسالة اعتراض وإقرار بالفشل الذريع للمشروع الأميركي الصهيوني السعودي منذ ربيع العام 2011، إضافة الى ملف جديد تراكمه السعودية فوق ملفاتها الفاشلة كلها في المنطقة بدءًا من اليمن مرورًا بالعراق وسوريا وانتهاءً بقطر. وقبل عشر سنوات وأكثر في لبنان.

مقالات ذات صلة

إغلاق