مقالات
التفوق الجوي الإسرائيلي الى زوال
محمد حمدان – باحث في العلاقات الدولية
تشهد جبهة جنوب لبنان احتدامًا في المواجهات بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الإسلامية التي تُصعّد من عمليّاتها في الفترة الاخيرة كمًّا ونوعًا. بعدما كانت تلّ أبيب هي الّتي تدفع باتّجاه التّصعيد عسكريًّا عبر القصف العنيف لطول الحدود مع لبنان، بالإضافة إلى القصف على الدّاخل اللّبناني في مناطق إقليم التفّاح والبقاع، وإعلاميًّا عبر تصريحات لمسؤولين إسرائيليّين بضرورة فتح حرب شاملة مع لبنان والقضاء على حزب الله، التي يُعتبر حزبًا من الخيال والجنون. كل هذه العمليّات العسكريّة والتّصريحات الإعلاميّة، تأتي في ظلّ تعاظم العمليّات النّوعية للمقاومة الإسلاميّة على طول الحدود الشّماليّة لفلسطين وكميّاتها والّتي تخلق الكثير من الأضرار الماديّة والبشرية في صفوف جنود الاحتلال، بدءً من العمليّات الصاروخيّة الكبيرة على مستوطنات الشمال مرورًا بالصّواريخ الموجّهة المضادّة للدّروع والأفراد، ووصولًا إلى المسيّرات الإنقضاضيّة التي تُوجّه ضربات دقيقة وموجعة في الجنود والعتاد، وآخرها عمليّة “خرفيش” الّتي راح على أثرها ما يقارب العشرين جريحًا إضافة إلى ثلاث قتلى حسب اعترافات العدوّ. هذا وقد نشر الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية مشاهد من استهداف من منصّة القبّة الحديديّة في ثكنة “راموت نفتالي” الّتي من المفترض أن تتصدّى للصّواريخ والمسيّرات إلّا أنّه من الواضح أنّها تحوّلت إلى خُرضة حسب الصّور الّتي نُشرت بعد أن تضرّرت بشكلٍ كبيرٍ وبات من الواجب إعادة تدويرها واستخدامها في صناعة حديد المباني مثلا. إضافة إلى الحرائق الّتي أحدثتها صواريخ المقاومة والّتي التهمتها آلاف الدنومات. على وقع كل هذه العمليات النّوعية الّتي تجاوزت ال 2000 عمليّة من 8 تشرين الأوّل لحدّ الآن، صعّد العدوّ من غاراته على البلدات اللّبنانيّة. وقد برز في الأيّام الأخيرة خرق العدوّ لجدار صوت بشكل عنيف في مختلف المناطق اللّبنانيّة الّذي يتسبّب بحالات خوف في أوساط المدنيّين. بعدها جاء بيان لافت ونوعي للإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية يُعلن فيه إطلاق صواريخ دفاع جوي تجاه الطّائرات الحربيّة الّتي كانت تقوم بخرق جدار الصوت ما أجبرها على تغيير مسارها والتراجع باتّجاه الأراضي المحتلّة. وعن مصادر إعلامية مقرّبة من حزب الله قالت “نفّذ ما يُسمّى بالإغلاق الرداري على طائرات العدوّ الحربيّة والعدوّ يعرف ويعي معنى ذلك تماما”. والسؤال المطروح هنا… هل كانت هذه الصّواريخ تحضيريّة؟؟ وماذا يمكن أن يحدث فيها لو تكرّرت هذه الخروقات، هل ستبقى الصّواريخ تحذيريّة أم سنشاهد مصير الطّائرات الحربيّة على شاكلة مصير المسيّرات؟ فإذا حصل السّيناريوالثّاني فإنّه من المؤكّد أنّنا سنرى رون آراد ثاني وثالث ورابع حتى. تجدر الإشارة إلى أن “رون آراد” هو نقيب طيّار في جيش العدوّ كانت قد أُسقطت طائرته في 16 تشرين الأوّل 1986 وأُسر من قَبل المقاومة اللّبنانية أمل ولا يزال مصيره مجهولًا حتّى هذه اللّحظة. في الختام، إن امتلاك المقاومة الإسلامية لأي سلاح دفاع جوي نوعي، من شأنه تقليص الفارق في القدرات بين الطرفين وإحداث خلل في ميزان القوة العسكرية الإسرائيلية وتعقيد الحسابات أكثر في الميدان. إن وجود منظومة دفاع جوّي يعني استهداف الطائرات على مختلف أنواعها و قد بدأت المقاومة فعلاً بهذه الإستهدافات من خلال إسقاط خمسة طائرات إستطلاع حتّى اليوم، والّتي تُعتبر من الأهم و الاحدث في العالم ،وهذا ما أزعج الإسرائيلي بشكل كبير وأفقده قدرات كبيرة في الإستخبار الميداني. أيضاً، تقييد حركة المروحيات على آختلاف أنواعها ، (هجومية – إنزالات – إغاثة) وهذا يعني المس بجوهر عمل القوات الخاصة في سلاح الجو الإسرائيلي والتي تعتمد إلى حد كبير في حركتها على السّلاح المروحي . فضلاً عن إجبار المقاتلات الحربية النّفاثة إلى الإرتفاع عن العلو الُمنخفض عند تنفيذ الغارات ما يقلّل من دقّة الإصابة والتأثير على بنك الأهداف. لن يقتصر تأثير حيازة حزب الله على سلاح دفاع جوّي على سلاح الجو الإسرائيلي فحسب ، فالجيش الإسرائيلي في عمله على تشابك الأذرع ، أي التّنسيق الشّبه تام بين أسلحة البر و البحر و الجو ،ووضع سلاح البحر و الجو في خدمة سلاح البر. لتبسيط الأمور بشكل أكبر ، إن امتلاك حزب الله لسلاح دفاع جوّي نوعي ، تعني ببساطة كسر توازن الردع الإستراتيجي الذي لطالما هدّدت إسرائيل بأّنها لن تسمح به . ولا نبالغ لو قلنا أن ذلك سيضعها على الطّريق نحو الزّوال والذي عبّدته المقاومة الفلسطينية في هجومها في 7 أكتوبر.