web analytics
تقدير مواقف

تقدير موقف: إسقاط الطائرة الإسرائيلية ومتغير ” أثر المصعد “

ألِف الكيان الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية بطعم أمني في العمق السوري، والإعلان عن هذه العمليات مرفقة ب ” عزم ” على عدم السماح بتحقّق متغيرات استراتيجية تخدم محور المقاومة، كما أنه كثيراً ما كان النظام السياسي السوري يعلن بأنه يحتفظ بحق الرد، والذي يتأخر في الكثير من الأحيان تحت الضغط الروسي في الغالب، بسبب قيام توافق ما بين أكثر من فاعل على أن تتحيّز الأزمة العنفية في الجغرافيا السورية وحدها، مخافة التداعي الحر للحرب في الجغرافيات الملاصقة واقترابها من استحالة الحلحلة دون حرب شاملة.
وحالة تكرار الهجمات الإسرائيلية مع احتفاظ بحق الرد جلب اطمئناناً ساخناً للكيان الإسرائيلي على أنّ الأزمة السورية ومجمل القرارات المتخذة بخصوصها سوف تخدم ” الهواجس ” الإسرائيلية على أقلّ التقادير وإن كان الكيان دائماً ما يدين الدور الإيراني أو دور حزب الله بخصوص التكتيكات العملياتية وعمقها في أرض العمليات، إلا أنه اليوم استفاق على متغيّر جديد قلَبَ أصل الاطمئنان الذي لململهُ لسنوات خلت لينقلب إلى حالة رعب لم تتوقّف عند إسقاط الطائرة الحربية بل استمرت إلى توجيه نداءات لسكان منطقة الشمال والشرق المحاذية للحدود السورية واللبنانية بالبقاء بالقرب من ” الملاجئ “، وهناك من ترك المستوطنات ليتحرك في عمق فلسطين المحتلة.
ليتحول ” التصاعد الاطمئناني ” الاسرائيلي إلى ” تصاعد هجاسي ” في منعطف زمني حساس يشهد افتراق الحلفاء في مضمون الرؤية المتعلقة بكيفية العمل الاستراتيجي في سوريا، لم يضعه في المربع الأول واقعاً بقدر ما يهدد بأن يجعله ملحقاً بالأزمة السورية، أي أنه لن يكون فاعلًا وحسب بل وربما يتحول إلى منفعل ليدخل في كيس ” الحل السياسي ” السوري، ومن هنا جاء الحرص على عدم التصعيد، لأن سياسة حافة الهاوية التي أراد لعبها دخلته بياقة بيضاء في مواجهة طرف هو في معركة كبرى لمدة سبع سنوات خلت، وقد خبر ” ضباب الحروب ” في أكثر من لقاء دولي، وتأقلم مع الأوضاع الأكثر دراماتيكية.
الكيان الإسرائيلي استوعب بأن الضغط الروسي على النظام السياسي السوري بخصوص ملفه له أسقف زمنية أكثر منها مبدئية ومرتبطة بالسلوك الأمريكي، إنْ لانت الولايات المتحدة الأمريكية لانَ الروسي وإن تصلّبت تصلّب، وفي جميع الأحوال هذه الأسقف ليس لها جدران وتسمح بحرية حركة أفقية، فمناورته الجوية الأخيرة، هي نقطة بداية لدخوله ” أرض المعارك ” بكل تفاصيلها، فهل يحجم أم ينال شيئاً من الحلم ” الإيراني ” ويحرج مجمل الفاعلين الإقليميين المحسوبين على خط الاعتدال، لأن أي حرب يكون فيه الكيان الإسرائيلي طرفاًًً تمنح مشروعية شبه أنطولوجية تتجاوز كل الزخم الإعلامي وكل الإرادات السياسية الممكن التعويل عليها إقليمياً.
في لعبة عضّ الأصابع الكيان الإسرائيلي يعلم جيداً بأنه أول من يصرخ، كما يعلم بأن خروجه من اللعبة سيجعله ثاني من يتألم، هي معضلة ” أثر المصعد ” ومتغير الصعود والنزول للحالات النفسية، صحيح أنها ذات أثر نفسي استراتيجي لكنها في نفس الآن لا تخلو من تداعيات عملانية.
عبد العالي العبدوني

مقالات ذات صلة

إغلاق